السبت، 8 مارس 2014

الاتجاهات الحديثة في تحسين المدرسة وتفعيلها وعلاقتها بالنمو المهني للمعلمين – دراسة تحليلية

الاتجاهات الحديثة في تحسين المدرسة وتفعيلها

وعلاقتها بالنمو المهني للمعلمين دراسة تحليلية

                                                                   دكتور / محمد عبدالخابق مدبولي
                                                                   كلية التربيــة جامعة حلوان
·       مقدمة :

حملت التسعينيات ضمن ما حملت من بوادر التغير اتجاهاً جديداً نحو جعل المدرسة مركزاً تربوياً وتعليمياً مستقلاً بعد أن ظلت عقوداً مجرد وحدة طرفية من وحدات النظام التعليمي ، كما حملت اتجاهاً نحو ما يمكن تسميته "توطين المعلمين" داخل مدارسهم ، بحيث يجدون داخلها الجانب الأكبر من احتياجاتهم للتنمية المهنية وبحيث يصبح الاندماج الفعال بين نموهم المهني كأفراد ممارسين ، وبين التحسين المضطرد للأداء المؤسسي للمدرسة ، والتفعيل المستمر لأدوارها التعليمية والمجتمعية .. يصبح قوة دفع حاسمة في صالح الإنجاز التعليمي للتلاميذ والعملية التربوية بوجه عام .

وربما تضافرت مجموعة من العوامل السياسية والاقتصادية على مدى عقد الثمانينيات لكي تعزز تلك التوجهات التعليمية ، سواء على مستوى الخطاب الدولي في تقارير ومشروعات المنظمات المعنية بالتعليم والثقافة ، أو على مستوى الممارسات الإصلاحية الحكومية وغير الحكومية في بعض الدول :
-       فقد تعالت الصيحات السياسية الناقدة للأداء التعليمي لمؤسسة المدرسة ، والتي تنطلق في السياق الغربي من حرصٍ على الاحتفاظ بمواقع متقدمة في ميدان المنافسة الدولية ، ومن شعور بالخطر الداهم من قصور هذا الأداء عن الوفاء بمتطلبات التفوق على المشروع الأسيوي الواعد*.
-       بينما أثرت الاختناقات الاقتصادية في أوروبا على الميزانيات المخصصة للتعليم ، خاصة تلك المرصودة لبرامج دعم التنمية المهنية للعاملين بالمدارس على المستويات المركزية ، فانتقلت مسئولية تحسين الأداء المهني من السلطات المحلية والقطاعية إلى المدارس ، وأصبحت جهود تفعيل وتطوير المناهج وطرائق التدريس ، وأساليب التقويم، بل وأنماط الإدارة والتخطيط ورسم السياسات .. أصبحت كلها متمركزة حول المدرسة. وأصبحت ممولة ومخططة بشكل ذاتي ومستقل (1).
أما في المجتمعات النامية ، ومنها مجتمعاتنا العربية ، فقد ناءت المدارس بحملها من الكثافات المتجاوزة لحدود الممكن والمعقول ، وتعددت الفترات المدرسية تحت ضغط الطلب الاجتماعي المتزايد على التعليم وقلة وتهالك المباني والتجهيزات ، الأمر الذي انعكس سلباً على نوعية الناتج التعليمي من المهارات والمعارف ، وأدى إلى تقديم وجبات تعليمية قاصرة ورخيصة للتلاميذ.

وساهم نمط الإدارة والتمويل المركزيين في جعل المدرسة العربية مجرد وحدة تنفيذية طرفية ، لا تملك القدرة على تعديل خططها وبرامجها ، بل وتعجز عن موجهة واستيعاب التغيرات والتحديات المجتمعية بقدرتها الذاتية وباتت تنفذ السياسات والخطط المركزية بشكل حرفي يفتقر إلى التغذية المرتدة والنقد الذاتي ، وغاب عن قائمة وظائفها وأدوارها دورها في النهوض مهنياً بمستوى العاملين بها ، ودورها في البحث عن حلول للمشكلات التعليمية والإدارية التي تعوق أداءاتهم من خلال بحوث الفعل ومشروعات التطوير.

وفي ظل المركزية أيضاً ظلت برامج التدريب أثناء الخدمة قليلة الفائدة ، تُخطط وتُعد بمعزلٍ عن المدارس ويتم تنفيذها على حساب العمل والإنجاز المدرسيين ، فينتقص من مداها الزمني ، ويختزل فحواها إلى أشكال نظرية وتقليدية من التدريب الجماعي ، فلا تحظى الممارسات الفردية والمشكلات الميدانية الحقيقية بما تستحق من الاهتمام . ويقتصر التقويم فيها على جوانب محددة من المعرفة المهنية ، دون عائدٍ يذكر على تحسين التدريب ومخرجات التعليم بالمدارس.

وظلت كليات التربية ومعاهد إعداد المعلمين مستغرقة فقط في إجراء التعديلات والإصلاحات على برامج الإعداد فيها . وغاب دورها في دعم المعلمين وتنميتهم مهنياً بعد التخرج ، فانفصل بذلك الفكر التربوي عن الممارسة . ولحق الجمود والتخبط بكليهما .

أما الإشراف التربوي على المعلمين ، فمازال يجرى بصورة تقليدية ، وتقتصر مجالاته على الجوانب والنشاطات المتمحورة حول الكتاب المدرسي ، والالتزام بما به من نصوصٍ وتطبيقات ، وحول الالتزام بالجدول الزمني المحدد لتنفيذ المنهج .. وغيرها من الجوانب البعيدة غالباً عن أمور حيوية ، مثل نقد المنهج وتعديله ، والابتكار في طرائق التدريس ، وإعادة تشكيل وتركيب بيئة التعلم داخل الفصل والمدرسة ، وتحقيق التناسق بين جهود معلمي المادة وبين بقية عناصر المنظومة المدرسية . ولم يؤت التحول جزئياً في بعض النظم التعليمية من مفهوم الإشراف الزائر إلى الإشراف المقيم .. لم يؤت بعد ثماراً حقيقية في مجال النمو المهني للمعلمين داخل مدارسهم .

·       مشكلة الدراسة :

وهكذا تبدو مؤسسة "المدرسة" ، في الغرب وفي الشرق أيضاً ؛ في وضع مأزوم فرضه عليها ظرف التحول من متطلبات مرحلة إلى تحديات مرحلة أخرى مختلفة ، بالطبع مع الفارق بين طبيعة التحول واتجاهه في كل من السياقين ؛ ففي السياق الغربي تجتاز المدرسة أزمة الفاعلية والكفاءة لتواجه ظرف التحول من الحداثة إلى ما بعدها ، ومن حضارة الصناعة إلى حضارة المعلومات .. بينما تجتاز المدرسة في السياق العربي أزمة من نوع آخر مناضلة فقط من أجل البقاء في عالم يحكمه منطق الأسواق وسعير المنافسة .

فإذا كانت أزمة المدرسة العربية جزءاً من أزمة التعليم في العالم النامي بشكلٍ عام ، إضافة إلى ما تختص به وضيعتها المجتمعية من أعباء وقيود تنظيمية وبداجوجية ، فإن أزمة أخرى ترتبط بها ارتباطاً وثيقاً تتمثل في تدنى مستويات الأداء التربوي للمعلمين ، وضعف نموهم المهني ، حيث لا تتوافر بها المدرسة الشروط الموضوعية والعوامل الداعمة لهذا النمو . وإن الانفصال الذي طالما تم افتعاله بين المعلم بوصفه عنصراً مجرداً من عناصر العملية التعليمية ، وبين المدرسة بصفتها المجردة كمؤسسة تربوية ، هو المسئول عن إحداث هذا التدني والضعف . لأنه يتجاهل أهمية التفاعل العضوي بين الفرد وبين المؤسسة داخل السياق التربوي والاجتماعي ، والذي يشكل الإطار الطبيعي والصحي للنمو المهني .

وإذا كانت المدرسة في الغرب قد تمتعت عقوداً طويلة بمدى واسع من الاستقلال الإداري والأكاديمي مقارنة بالمدرسة في العالم العربي ، واستثمرت تلك الاستقلالية بشكل ناجح من أجل الارتقاء بمستويات أدائها ، وتفعيل أدوارها ، ودفع النمو المهني لمعلميها .. فإن عوامل التحول التي تعترى العالم الآن ، والتي طالت النظم السياسية والاقتصادية ، يمكن أن تطال الطابع المركزي للنظم التعليمية العربية ، وبالتالي يمكن للمدرسة العربية في إطار ذلك التحول أن تفيد من التجربة الغربية ولكن في حدود خصوصيتها .
وعلى ذلك يمكن بلورة مشكلة الدراسة في السؤال الرئيس التالي :
-       كيف يمكن للمدرسة العربية أن تفيد من الاتجاه الحديث نحو التمركز حول المدرسة في تحسين وتفعيل أدائها ودعم النمو المهني للمعلم بها ؟

والذي تتطلب الإجابة عنه الإجابة عن التساؤلات الفرعية التالية :
1.                ما ملاح أزمة المدرسة المعاصرة ؟ وما أسبابها ؟
2.      كيف واجهت المدارس في الغرب تلك الأزمة ، وما أهم الاتجاهات التي سارت فيها تلك المواجهة من أجل تحسين أدائها وتفعيله ؟
3.                ما علاقة تحسين المدرسة الغربية لأدائها وتفعيله بالتنمية المهنية للمعلمين بها ؟

·       أهمية الدارسة وأهدافها :
تنبع أهمية الدراسة من كونها تنقل إلى السياق التعليمي والمدرسي العربي خبرة ناجحة من خبرات السياق الغربي ، الا وهي خبرة اعتماد المدرسة على ذاتها واستقلالها فيما يتعلق بعمليات تطوير وتحسين الأداء بها ، وزيادة فاعليتها ، ومنها دورها في دعم النمو المهني للمعلمين العاملين بها .

وفي هذا الإطار تهدف الدراسة إلى تحقيق ما يلي :
1.                رصد مظاهر وأسباب أزمة المدرسة المعاصرة بشكلٍ عام ، وإخفاقها في تحقيق توقعات المجتمعات الغربية منها .
2.      تحليل منظومة المفاهيم التي استندت إليها الاتجاهات نحو التمركز حول المدرسة في تحسين أداء المدرسة ، وزيادة فاعليتها . وأبرز الانتقادات المنهجية الموجهة إليها .
3.      رصد العلاقة التبادلية بين تحسين أداء المدرسة وزيادة فاعليتها ، وبين دعمها للنمو المهني للمعلمين العاملين بها وأهم مجالات ذلك التفاعل .
4.      اقتراح مجموعة من الموجهات الإجرائية لتحسين أداء المدرسة العربية وزيادة فاعليتها وخاصة دورها في دعم النمو المهني للمعلمين ، في حدود خصوصية السياق المجتمعي والتعليمي العربي .


·       منهج الدراسة :
سوف تعتمد الدراسة في تحليلها لمظاهر وأسباب أزمة المدرسة المعاصرة ، ومنظومة المفاهيم الحاكمة للاتجاه نحو التمركز حول المدرسة وتحسين أدائها في التجربة الغربية ، وفي رصد العلاقة بين ذلك التحسين وبين دورها في دعم النمو المهني للمعلمين .. سوف تعتمد على مقولات وأساليب المنهج التحليلي الوصفي .

أولاً : أزمة المدرسة المعاصرة ، المظاهر والأسباب :
" لم يتوقف العالم المعاصر لحظة عن توجيه النقد لنظم التعليم وبرامجه" ، هذه الملاحظة هي الأكثر شيوعاً بين المهتمين بدراسة حركة الإصلاح والتجديد التربوي ، وإن اختلفت الدوافع والأهداف من وراء ذلك النقد ؛ ما بين دوافع سياسية كما حدث في الولايات المتحدة عام 1957 بعد إطلاق القمر الصناعي السوفيتي "سبوتنك" ، أو دوافع اقتصادية تنافسية كما كان في أوائل الثمانينيات عندما اختل الميزان التجاري لصالح اليابان أمام الولايات المتحدة ، أو كانت دوافع ثقافية إثنية كالتي تحرك الإصلاحات التعليمية في بلدان القوقاز ودول الاتحاد السوفيتي السابق.. وغيرها .

وفي مستوى آخر من النقد ، تعرضت المدرسة بوصفها صيغة مؤسسية تعليمية لنقد شديد من قبل دعاة التحرر من هيمنة الدولة وثقافة الطبقات الاجتماعية الأقوى على الطبقات الضعيفة ، إلى حد المطالبة بالتخلص منها بوصفها أداة النظام لإعادة إنتاج الواقع الاجتماعي المشوه  ، والدعوة إلى مجتمعات بلا مدارس* ، بعد أن أخفقت حتى على مستوى إكساب الفرد معرفة محايدة غير مسيّسة يستطيع الاستفادة منها تطبيقاً في حياته اليومية .

أما الأزمة التي تعرضت لها المدرسة في السياق الأمريكي والبريطاني ، والتي تسببت في موجة عامة من النقد والمراجعة ، والتي تمخضت عنها "حركة المدارس الفعالة movement Effective schools " فكانت ذات مظاهر وأسباب محددة لعل من أهمها (2):
1.      تدني معايير تحصيل التلاميذ مقارنة بتلك التي حققتها الأجيال السابقة ، بل وبالمقارنة مع الأقران في بعض بلدان غرب أوربا والساحل الباسيفيكي .
2.                إخفاق تجربة المدارس الشاملة في تحقيق أهدافها التعليمية والاجتماعية .
3.                تدني كفايات المعلمين بوجه عام .

4.                انفلات سلوكيات التلاميذ.
5.                قصور التدريب لمعلمي اللغة والرياضيات على المهارات الأساسية.
6.                عدم ارتباط البحث العلمي التربوي بواقع المشكلات المدرسية .

ومع تصاعد موجات النقد اللاذع للمدارس الأمريكية العامة ، تعالت بعض الأصوات المطالبة بضرورة التأني والدراسة ، وعدم الاندفاع وراء تضخيم مظاهر الإخفاق والفشل ، قبل أن تعطي للبحوث العلمية الرصينة فرصة الوقوف على الأسباب داخل السياق المعقد للمدرسة والفصل ، لأن هذا الاندفاع إنما يؤدي بشكل أو بآخر إلى تقويض واحدٍ من أهم المشروعات الاجتماعية الأمريكية ديمقراطية الا وهو "التعليم الحكومي"

وحذرت بعض تلك الأصوات من مغبة أن يوغر النقد اللاذع صدر الرأي العام ، فيندفع وراء أفكار مغالية في التطرف مثل "التشدد إزاء سياسات الامتحانات ، وسياسات التمويل ، بدعوى أن زيادة الإنفاق لا تجدي في تحسين أداء المدارس ، وأن ليس من علاجٍ ناجحٍ إلا بإطلاق قوى السوق ، والاتجاه إلى الخصخصة في التعليم(3).

وبالرغم من نشوء حركة بحثية تربوية تهتم بمشكلة تفعيل الأداء المدرسي School Effectiveness Research ، مواكبة للحركة الإصلاحية المنظمة لتفعيل المدارس وتحسينها . فقد ظل الشعور العام بوجود الأزمة واستحكامها قائماً .

فقد أدرك دعاة اللجوء إلى البحث العلمي التربوي من اجل إخراج المدرسة الأمريكية من أزمتها ، والوصول إلى تحسين حقيقي للأداء المدرسي ، أدركوا مدى ما يعانيه النموذج النظري للبحث Paradigm لديهم من قصور ومحدودية في مجال تشخيص الأسباب الفعلية للازمة ، ربما لأنه يعتد أكثر بالمؤشرات الكمية في تقدير آثار العوامل والمتغيرات الفاعلة في السياق المدرسي ، أو ربما لأنه ينظر إلى المدرسة بشكل اقتصادي مجرد أكثر من اللازم . باعتبارها صانعة الاقتصاد القوى القادر على التنافس ، مهملاً الأبعاد الأخرى الخلقية والاجتماعية لما يمكن أن يسمى بالحياة المدرسية بكل خصوصيتها (4).

فالاحتكام إلى مجموع الدرجات فقط مؤشراً على النجاح والإنجاز الأكاديمي للطالب ، يهمل الأبعاد الاجتماعية والخلقية لعملية التعليم والتي لا يمكن تقديرها كمياً ، كما أن تقييم أداء إحدى المدارس مقارنة بمدارس أخرى ، ربما يتغافل عن الأساليب التفصيلية الخاصة جداً للتفاعل بين كل مدرسة وبين سياقها المجتمعي الحاضن .. وهكذا.

وزاد من استفحال الشعور بالأزمة التي تواجهها المدرسة الغربية ، ذلك التسابق المحموم على المراكز المتقدمة من الالومبياد الدولي للتعليم ، أو ما يسمى في بعض الكتابات الناقدة بطغيان منطق سباق الخيول Tyranny of the International Horse Race ، وما رافق ذلك من صدور عدة تقارير دولية حول مستوى تعلم بعض المواد الدراسية في البلدان المختلفة ، كتقرير TIMSS حول مستوى تعلم الرياضيات والعلوم 1994 ، والذي احتل فيه التلاميذ الأمريكيون موقعاً متأخراً مقارنة بالتلاميذ الآسيويين ، وما سبقه ، وما تلاه من دراسات دولية مقارنة ، كانت لنتائجها أصداء إعلامية وسياسية واسعة ، برغم ما شاب بعضها من اوجه قصور في اختيار العينات، وفي طبيعة المناهج المتسابق حولها، وفي صياغة تقارير النتائج(5).

وقد زادت تلك النزعة التنافسية والحرص على الامتياز Notional Commission Excellence in Education For من اشتعال حركة المعايير وقياس نواتج التعلم Standards and Out-Come assessment mov. ، خاصة في الولايات المتحدة الأمريكية، وهي التي تمثل إضافة إلى حركة الكفايات Competencies – based movement في إعداد المعلم، تمثل تياراً ضخماً من تيارات الفكر التربوي المعاصر ، المستند إلى ظهير سلوكي أصيل في الثقافة الأمريكية : وراح الخبراء في مجالات تخطيط المناهج ، ورسم السياسات ، والقياس والتقويم ، والإدارة التعليمية والمدرسية .., الخ ، راحوا يضعون قوائم مطولة ومفرطة في التفصيل لما يجب أن تكون عليه نواتج عمليات التعليم بالمدرسة ، ومعايير القبول والتخرج والتقدم في الإنجاز التعليمي ، والموصفات الواجب توافرها في المبنى المدرسي وتجهيزاته ومرافقه ، وأنماط الإدارة ونظم مراقبة الجودة .

بينما كان تراث آخر يتراكم في مجال بحوث الفعل المتمركزة حول تحسين المدرسة School improvement ، من خلال المشروعات التربوية المدعومة من الجامعات ومراكز التجديد التربوي، مثل مشروع IQEA لتحسين جودة التعليم للجميع، والذي شمل عدداً كبيراً من المدارس في شرق إنجلترا ، ويورك شاير ، وآيسلاند ، وبورتريكو ، وجنوب أفريقيا ، متخذاً من "الإنجاز التعليمي للتلاميذ" هدفاً محورياً لعمليات التغير التربوي بالمدارس (6) وكان تراث ثالث في مجال التنمية المهنية للمعلمين Professional Development يتراكم من خلال مشروعات مشابهة ، كالمشروع الذي دعمته جامعة Keel للمربين الفعالين بإنجلترا وويلز أوائل التسعينيات ، وشمل عدداً من المدارس الثانوية ، لإرساء مفهوم جديد للنمو المهني بدلاً من المفهوم الكلاسيكي حول التربية والتدريب أثناء الخدمة I.N.S.E.T ، وغيره من المشروعات(7).

ومع ذلك ، .. فقد ظلت الأزمة قائمة ، خاصة من وجهة نظر التيارات النقدية في علم اجتماع التربية ، وكتاب ما بعد الحداثة ، أمثال (بيربورديو) و (ليوتارد) و (هارفي) وغيرهم ممن يعتبرون أن النزعة الامبريقية الكمية التي تميزت بها حركة المدارس الفعالة ، ربما كانت تتناسب مع النظرة الاقتصادية إلى المدرسة في مرحلة المجتمع الصناعي ، حين كانت وظيفتها الرئيسية هي إعداد الأفراد وفقاً للمواصفات التي يتطلبها السياق الإنتاجي ، وحين كانت "جدوى" المدرسة تتحدد بمدى مطابقة مخرجاتها لتلك المواصفات . أما السعي إلى فهم أزمة المدرسة في مجتمع ما بعد الصناعة فهو رهين بمدى التكامل بين البحوث الكمية والبحوث الكيفية النقدية ، لان الأخيرة قادرة على سبر أغوار ذلك الصندوق الأسود المسمى بالمدرسة ، وتأويل ما يعتمل داخله من تفاعلات ورموز لاترصدها أدوات البحث الكمي ومقاييسه (8).

وهكذا تمخضت الأزمة عن ثلاثة اتجاهات بحثية وتطبيقية إصلاحية مختلفة التوجه والأسلوب : الأول يهتم بالتقييم العام لأداء المدرسة من خلال نواتجها التعليمية ، الا وهو اتجاه أو حركة المدارس الفعالة E.S.M. ، والثاني يهتم بكيفية إحداث التغيير للأفضل داخل المدارس، باعتبارها كيانات مستقلة ومعتمدة على نفسها في رسم سياساتها وتخطيط مناهجها وتنمية معلميها وادارييها ، الا وهو حركة التحسين المتمركز حول المدرسة School – based improvement mov. ، أما الاتجاه الثالث ، فهو الذي يحاول إحداث التكامل بين الاتجاهين السابقين ، مستفيداً من الطابع التفريدي الكيفي لاتجاه تحسين المدارس ، في جعل المدارس أكثر فاعلية ، ومتلافياً كثيراً من الانتقادات التي نالت من إفراطه في القياس والتكميم والمقارنة والتعميم . والتي وجهها أصحاب الاتجاهات النقدية والمنهج الكيفي .



الاتجاه الأول حركة المدارس الفعالة ، المفاهيم والاستراتيجيات :
كما سبق ، تستند هذه الحركة إلى خلفية سلوكية واضحة ، وتركز جل اهتمامها على تحسين الجانب الكمي من المخرجات التعليمية ، سعياً إلى تحقيق التفوق والامتياز ، وقد مرت دراساتها وتطبيقاتها بمرحلتين ، استمرت المبكرة منها طوال السبعينيات الأخيرة والثمانينيات مركزة على مجموعة محددة من العوامل (9):
-                     قيادة تربوية قوية .
-                     توقعات عالية في التحصيل للتلاميذ .
-                     تركيز على إتقان المهارات الأساسية .
-                     هيئة تدريسية وادارية منضبطة .
-                     تقويم مستمر لتقدم مستوى التلاميذ .

ثم جاءت المرحلة الثانية أواخر الثمانينيات وحتى منتصف التسعينيات ، حاملة قدراً اكبر من الاهتمام بجوانب أخرى من الأداء المدرسي ، وتوصيفاً اكثر تفصيلاً لكل شئ يتعلق بهذا الأداء من خلال قوائم مطولة من المعايير ، ومقدمة نماذج معرفية ذات مستويات متعددة تعبر عن عناصر التحول في المدرسة نحو التميز والتفوق ، والتي من أهمها "النموذج الشامل للفعالية التربوية Comprehensive Model of Educational Effectiveness لكل من (سكيرنز وكريمرز) ، والذين طوراه على مدى اكثر من خمس سنوات (10).

ويبين الشكل رقم (1) عناصر ومستويات هذا النموذج وهي : السياق ، والمدرسة والفصل ، والتلميذ ، كما يبين مواصفات كل عنصر ، والنواتج المتوقعة  من أدائه لوظائفه ، وارتباط ذلك بخصائص الجودة Quality ، وعامل الزمن Time ، والفرصة المناسبة لكل أداء Opportunity ، في ضوء المعايير المعتمدة Formal Criteria .

      ويلاحظ على نماذج المرحلة الثانية بوجه عام أنها اقرب إلى دراسة العوامل المحيطة بعمليات التدريس والتعلم من نماذج المرحلة المبكرة ، ويتضح ذلك في تركيزها على مفاهيم مثل(11).




المستوى
العنصر
خصائص الجودة
الزمن والكيفية
المعايير
السياق

·        السياسات     تركز على الجودة والفاعلية              وفقاً للمنهج
·        التمويل       مرتبط بتحقيق النتائج                    الوطني ومعدلات
·        التقويم        مستمر لرصد التقدم                      الإنجاز التي يعتمدها
ثبات المبدأ
الاستقرار
التحكم













المدرسة

·        البداجوجيا      تعلم جيد في الفصول ونظام جيد للتقويم   وفقاً للمنهج
·        التنظيم        ثقافة مهنية تركز على الفاعلية            الوطني ومعدلات
·        المتابعة       ضبط وحسن توظيف للموارد              الإنجاز التي يعتمدها
                  مع وعي بالمهام وأبعاد المنهج
ثبات المبدأ
التماسك
التحكم














الفصل

·        المنهج       أهداف واضحة توجه المحتوى             وفقاً للمنهج
·        التعلم        من اجل الامتياز بطرق متعددة            الوطني ومعدلات
·        المعلم        تمكن من المنهج وكفايات التدريس        الإنجاز التي يعتمدها

ثبات المبدأ













التلميذ

زمن للتعلم
فرص التعلم
توظيف
الوقت
دافعية
خلفية
اجتماعية
تمكن من المهارات الأساسية والعليا



شكل رقم (1) النموذج الشامل للفاعلية التربوية (نقلاً عن Creemers, 1994)

-       مفهوم المناخ والخلفية Climate and background ، سواء بالنسبة للعمليات البداجوجية كالتدريس والتعليم وبناء المنهج ، أو للعمليات التنظيمية ، أو بالنسبة لبيئة المدرسة وبيئة التلميذ والثقافة التي يعيشها . أو حتى على مستوى الأيديولوجية المجتمعية الحاضنة للسياق.
-       مفهوم بناء فريق القيادة Building leadership ، وهو المسئول عن تحديد أهداف المدرسة والأولويات المتصلة بمناخ التعلم ، وعن التخطيط لتوظيف المصادر والموارد المتنوعة لتلبية احتياجات التعليم في إطار المشروع المزمع تنفيذه ، وكذلك متابعة وتقويم مراحل التقدم التي يتم إنجازها .

وما من شك أن ثمة آثار واضحة لموجات النقد التي تعرضت لها النماذج المبكرة من حركة المدارس الفعالة ، تتمثل في اعتماد النماذج الأخيرة لمثل تلك المفهومات ، كما يبدو أن الحوار بين أصحاب تلك الحركة وبين حركة تطوير المدارس ، قد قارب بين الإطارين الفكريين، حيث تتشابه بعض مفاهيمهم الحديثة كمفهوم "فريق القيادة" ، مع مفهوم "الكادر" Improvement Cadre في استراتيجيات تطوير المدارس .. وهكذا .

ومع ذلك تبقى مفهومات واستراتيجيات حركة المدارس الفعالة مشكلة وغير مفهومة في نظر بعض النقاد ، على الأقل فيما يتعلق بفكرة "المعايير" ، "والقيم" التي يتحدد في ضوئها ما إذا كانت تلك المدرسة فعالة أم لا ، أو ما إذا كانت اكثر فاعلية من مدرسة أخرى : فهذه القيم وهذه المعايير تختلف لدى الآباء عنها لدى التلاميذ ، فضلاً عن تلك التي يفرضها السوق ، وتلك التي تتبناها وسائل الإعلام .. وهكذا(12). بالرغم من محاولات المدافعين عنها إضفاء الأبعاد الاجتماعية والحقوقية على المفهوم ، والتي من أهمها تعريف (Brandsma, 1993) الذي يكامل بين بُعدي : الجودة Quality ، والعدالة Equity في مفهوم الفاعلية Effectiveness :

حيث تقاس فاعلية المدرسة في راية بمدى ما تحققه من قيمة مضافة Value added في مخرجاتها تتمثل في جودتها ، وتقاس في ذات الوقت بمقدار نجاحها في أداء الدور التعويضي Compensatory Power تجاه تلاميذها ، لعلاج اوجه الاختلال وعدم الإنصاف في خصائصهم ، والتي ترجع غالباً إلى عوامل مجتمعية لا دخل لهم فيها ، كاللون والجنس والأصل العرقي والمستوى الاقتصادي (13).

الاتجاه الثاني حركة تطوير المداس ، المفاهيم والاستراتيجيات :

تستمد حركة تطوير المدارس قوتها من كون "التغير التربوي" الذي هي جزء منه يمثل إحدى أهم السمات الاجتماعية والتاريخية على الإطلاق ، فالتغير هو السمة الصحية للمجتمعات البشرية ، وهو في صورته التربوية مؤشر على سلامة  عمليات المراجعة والنقد داخل الثقافة .


وقد مرت الحركة على مدى العقود الثلاثة الماضية بمراحل أربعة تراكمت خلالها البنية المعرفية الظهيرة لها (14) ؛ تميزت الأولى منها خلال منتصف الستينيات بالتركيز على إصلاح المناهج التعليمية في بلدان الأطلنطي ، ولكنها أهملت الطرف الأكثر أهمية وهم المعلمون ، لا من حيث تدريبهم وتنمية قدراتهم ، بل من حيث إشراك جموع المعلمين في إعادة تصميم ، أو في تجديد المناهج ، الأمر الذي انعكس سلبياً على طريقة تناولهم لها ، ونجاحها في تحقيق الهدف منها .

        وفي المرحلة الثانية التي امتدت على طول السبعينيات ، فشلت حركة إصلاح المناهج في إحراز تقدم على مستوى التطبيق ، بالرغم من تضمنها العديد من برامج تدريب المعلمين أُثناء الخدمة على المعارف والمهارات الجديدة ، وبدا أن التطبيق مسألة غاية في التعقيد طالما لم ينبع الإصلاح والتجديد من داخل المدارس ، وهو الدرس الذي وعته دراسات المرحلة الثالثة الممتدة حتى منتصف الثمانينيات ، حيث اهتمت بدمج التخطيط الاستراتيجي مع التعلم الفردي والحرص على النجاح لدى المعلمين في منظومة واحدة ، وترافق هذا التقدم في فهم العوامل المؤثرة على نجاح المشروعات الإصلاحية مع ظهور الدراسات الأولى في حركة المدارس الفعالة أواخر السبعينيات .. ، وللمرة الثالثة يظهر التقييم البحثي للمشروعات التي أجريت على العديد من المدارس في إنجلترا والولايات المتحدة أن ثمة قصور في إحدى حلقات المنظومة ، الا وهي الإدارة ، لتبدأ بذلك مرحلة جديدة من مراحل بحوث التطوير التي ترفع شعار إدارة التغيير أو التجديد التربوي Management of Educational change (15).

وتعد كتابات (فولان Fullon, 1991- 93) من أهم ملامح الإطار الفكري للمرحلة الرابعة الممتدة إلى الآن ، إضافة إلى كتابات (هوبكنز Hopkins, 1996) المستقاة من التجارب الميدانية ومشروعات تطوير المدارس بغرب إنجلترا ، وايسلاندا ، وبورتوريكو ، وجنوب أفريقيا المعروفة باسم "تحسين جودة التعليم للجميع" IQEA .





ويبين الجدول رقم (1) اوجه التطور في بحوث تطوير المدارس بين مرحلتي
الستينيات والثمانينيات في نظر (روينولدز و ستول 1996) (16)

وجه المقارنة
بحوث الستينيات
بحوث الثمانينيات
- الاتجاه الإصلاحي
من الخارج إلى الداخل أو من أعلى إلى اسفل
من الداخل إلى أعلى
- الظهير المعرفي
يعبر عن النخب التعليمية على المستوى المركزي
يعبر عن الممارسين في المدارس
- الغرض والمقصد
إعادة تنظيم المنهج
إعادة تصميم العمليات والممارسات
- النواتج
تركز على التلاميذ
تركز على العمليات والممارسات المدرسية
- نطاق الاهتمام
المدرسة
المعلمون الأفراد
- منهجية التقويم
كمية
كيفية
- المنطلق
من خارج المدرسة
من داخل المدرسة
- التركيز
على جزء من المدرسة
على كل المدرسة

ومن هذه الكتابات يتضح أن مفهوم تحسين وتطوير جودة التعليم ، في إطار ما يسمى بإدارة التغيير ، إنما يستند على مبادئ خمسة ، في رأي (هوبكنز 1996) (17):
1.                هدف تحسين ا لمدرسة هو تعزيز وتقوية جودة تعلم التلاميذ .
2.                رؤية المدرسة لمهمة التحسين يجب أن تكون موحدة تحتضن جميع الأطراف.
3.                توظف المدرسة الضغوط الواقعة عليها من الخارج لأجل التغيير في اتجاه التمكن من أولوياتها الداخلية .
4.                تتحرى المدرسة تطوير بنيتها وخلق الظروف الداعمة للتعاون والتحسين الفردي والجماعي .
5.                يضطلع جميع العاملين بالمدرسة بمسئولياتهم تجاه البحث وضبط وتقويم الجودة.


  ويبين الشكل رقم (2) مستويات التغيير الناجح وفقاً لتلك المبادئ ، وهي : (18)

1.      مستوى المدرسة : من حيث السياسات ، ونمط الإدارة ، وأسلوب تخصيص وتوجيه الموارد ، واستراتيجيات تنمية ودعم العاملين بجهود التحسين .
2.                مستوى مجموعات العمل : من حيث التنسيق حول التفاصيل والترتيبات الداعمة لتحسين المدرسة .
3.                مستوى المعلم الفرد : من حيث التركيز على تطوير الممارسات التدريسية في الفصول.



المدرسة

 
المعلمون الأفراد
 
مجموعات العمل الأفراد
 
شكل رقم (2)
مستويات التغير في مدارس مشروع تطوير جودة التعليم للجميع IQEA (هوبكنز 1996)
 
 


مربع نص: ويظهر من الشكل الدور المحوري لمجموعة التطوير "كادر التطوير Improvement Cadre" في متابعة الإنجاز وتحقيق الاتصال الدائم مع الجهات الخارجية الداعمة لمشروع التطوير. 

ويبين الشكل رقم (3) مجموعة العوامل والعمليات التي من شأنها تعزيز الإنجاز التعليمي للتلميذ كهدف رئيسي للتطوير وفقاً لنموذج (هوبكنز) ، وهي :
-      على مستوى السياق : هناك المنهج الوطني ، والسلطة المحلية ، والإدارة المدرسية.
-      على مستوى المدرسة : هناك تنمية أعضاء هيئة التدريس ، وبحوث الفعل من أجل التطوير ، والتخطيط التعاوني ، وهناك أيضاً مشاركة التلاميذ.
-      على مستوى الفصل : هناك التدريس الفعال ، والمنهج ، وعمليات التقييم .
 









شكل رقم ( 2)

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

العوامل المؤثرة في تعزيز الإنجاز التعليمي

للتلاميذ في مشروع

IQEA (هوبكنز 1996)


وعلى صعيد التنظير للمشروعات الإصلاحية العديدة التي تمت في مدارس الولايات المتحدة وإنجلترا وبعض مناطق أخرى ، قدم أصحاب هذا الاتجاه مجموعة من أطر العمل Frameworks أو النماذج المستقاة من الخبرة العملية ، لعل من أهمها وفقاً للترتيب الزمني :
1.      نموذج (هوبكنز 1994) لتحسين جودة التعليم للجميع : ويعبر عنه الشكل رقم (4) ، حيث يظهر التركيز على فكرة تكوين ثقافة للتطوير وتحسين الجودة يتبناها العاملون والتلاميذ معاً (19).



خلفية المدرسة وتنظيمها





                ثقافة


  المواصفات                        استراتيجية التطوير                               الأولويات


                                                                                        المدرسة
شكل رقم (4 )
نموذج تحسين جودة التعليم للجميع
(هوبكنز 1994)

 
 




مخرجات التلاميذ والمعلمين




2.                نموذج (لاجرويج وهاك 1994) لتحليل التغير المدرسي ويعبر عنه الشكل رقم (5).
3.                 
 


                                                    السياسات التعليمية

 



      المواصفات

الإدارة

                           الثقافة                           البنية
  

                          هيئة التدريس                           التلاميذ

                       سياسة المدرسة                  البداجوجيا

وكلاء التغيير

          الاعتمادات

       المالية

 


شكل رقم (5)
نموذج تحليل التغير المدرسي
(لاجورويج وهاك 1994)
 
                        النواتج

حيث يركزان على بيان العوامل الداعمة والمعززة لقدرات التغيير لدى أعضاء هيئة التدريس والتلاميذ .(20)

وتتحدد قدرات التغيير Change Capacities وفقاً لهذا النموذج بمجموعة من العوامل التي من أهمها: قدرة القادة داخل المدرسة على إحداث التغيير،وكذلك كفاءة نظم الاتصال وصنع القرار، وكفاءة عمليات التخطيط والتقويم، ومدى التناسق بين عناصر التنظيم المدرسي(21).

3.     نموذج (بيرمنجهام 1999) للتطوير المدرسي في سبيل الفاعلية ، ويعبر عنه الشكل رقم (6) ، حيث يظهر بوضوح مدى التقارب بين فكر أصحاب حركة المدارس الفعالة ، وبين فكر أصحاب حركة تحسين المدارس .(22).
               
 






مربع نص: مدارس وفصول فعالة
 


شبكات المدارس والمعلمين:
·         إدارة التنمية المهنية .
·         الشراكة المجتمعية .
·         مؤتمرات تطوير المناهج .
 
مراقبة وقياس الإنجاز :
·         مراقبة المعايير باستمرار .
·         تحليل النتائج ومعاملات الارتباط.
·         برامج القيمة المضافة
 
 






شكل رقم (6)
نموذج تطوير المدارس الفعالة (بيرمنجام 1999)
حيث يتضمن التصور مزاوجة بين "تحقيق الفاعلية للفصول والمدارس" بوصفه هدفاً نهائياً ، وبين تطوير بنية المدرسة وتنظيمها وخلق المناخ الملائم للتطوير ومراقبة الجودة .. كوسائل لتحقيق ذلك الهدف ، متبنياً بعض مفاهيم أصحاب حركة المدارس الفعالة مثل مفهوم "القيمة المضافة" ، ومفهوم "مراقبة المعايير للمدخلات والمخرجات" .. وغيرها.

وبوجه عام ، تتشابه الأطر والنماذج المطروحة في هذا الاتجاه في بعض جوانبها ومكوناتها سواء من حيث الأهداف أو آليات التطوير والتغيير ، ولكن تظل مهمة تحسين المدرسة في كل مرة حالة خاصة متفردة ، وتظل الوصفة الجاهزة في هذا الصدد مجرد دليل إرشادي عام وليس برنامج عمل تفصيلي ، وذلك لاختلاف الظروف والملابسات في كل حالة ، الأمر الذي يمكن تصوره في نظرنا على شكل متصل Continuum متدرج بين طرفين تقع كل حالة في نقطة ما عليه من حيث :
-                     المركزية واللامركزية          Centralisotion – decentrolisotion
-                     الفاعلية وعدم الفاعلية           Effectiveness – in effectiveness
-                     المؤسسية واللامؤسسية                 Institutionalism – non - Institutionalism

وهذا التفرد ، وهذه الخصوصية هي التي جعلت من الحاجة إلى بعض المعرفة التعميمية التي تقدمها بحوث المدارس الفعالة ضرورة لا يمكن تجاهلها ، وجعلت التكامل بين الاتجاهين أمراً طبيعياً .

الاتجاه الثالث : الاتجاه نحو دمج بحوث المدارس الفعالة مع بحوث تحسين المدرسة :

تشير الدراسات الراصدة لهذا الاتجاه إلى أن الممارسات التطبيقية في الولايات المتحدة وبعض بلدان أمريكا الشمالية ، كانت اسبق إلى الدمج بين تحسين المدرسة وبين فاعليتها من الكتابات النظرية ، كما تشير تلك الدراسات إلى أن المنظرين الهولنديين أمثال : بولين Bollen، وكريمرز Creemers ، ولاجيرويج Lagerweij كانوا الأكثر حماساً من بين كتاب حركة تحسين المدرسة إلى الدمج بين الظهيرين المعرفيين S.E.R., S.I.R.، خاصة وقد عقد أول مؤتمر علمي حول هذا الموضوع في "كاردييف" الهولندية 1993. (23).

ويبدو أن عدم تحمس المعلمين للمحاولات الإصلاحية لمناهج التعليم في إنجلترا والولايات المتحدة وضعف انتمائهم للمناهج التي كان يجرى تطويرها مركزياً ثم تفرض عليهم من أعلى إلى اسفل Top – down في الستينيات وأوائل السبعينيات ، كان وراء حركة تحسين المدارس المتمركزة حول المدرسة ذاتها ، بوصفها وحدة مستقلة يشعر المعلمون داخلها بأنهم يملكون تجربتهم الخاصة Teacher ownership ، ولا تفرض عليهم من الخارج .. الأمر الذي جعلهم اسبق من الكتاب المنظرين إلى الدمج بين المدخلين (المدرسة الفعالة ، وتحسين المدرسة) في تطبيقاتهم وتجاربهم في منتصف الثمانينيات .

كما يبدو  أن للجانب السياسي المميز لحركة المدارس الفعالة ، والمتمثل فيما رفعته الحكومات الأمريكية والبريطانية المتعاقبة من شعارات تنافسية ، وما وجهته إلى الأداء المدرسي من انتقادات عنيفة ، يبدو أن لهذا الجانب السياسي أثراً سلبياً على مدى تحمس أصحاب تلك الحركة لفكرة التقارب والاندماج نظرياً وتطبيقياً مع حركة تطوير المدارس . في مقابل الحماس الشديد لدى الفريق الآخر من أصحاب حركة تطوير المدارس.

        أما على مستوى مقارنة النماذج النظرية التي تستند إليها الحركتان ، وما يترتب على تلك المقارنة من استنتاج عام مفاده أن ثمة ضرورة نظرية ، علاوة على الضرورات العملية ، للدمج والتكامل بينهما ، فقد أوضح (رينولدز ، وستول 1996) أن أهم اوجه الاختلاف بين النماذج التي طرحها الفريقان تتمثل في إهمال حركة المدارس الفعالة للجانب المهني الحاسم لدى المعلمين في سبيل الارتقاء بنواتج التعلم، وتركيزها فقط على الجوانب التنظيمية للمدرسة
في الوقت الحاضر وليس بوصفها في حالة تغير دائم ومستمر (24)، وهو ما يوضحه
الجدول رقم (2).




المدارس الفعالة
تطوير المدرسة
-        تركز على المدرسة كمنظمة .
-        تركز على المعلمين الأفراد والمجموعات.
-        تركز على التنظيم المدرسي.
-        تركز على العمليات المدرسية والديناميات.
-        تركز على المعلومات المتعلقة بالنواتج.
-   تركز اكثر على التقويم الامبريقي للآثار المترتبة على إحداث التغيير.
-        ذات توجه كمي.
-        ذات توجه نوعي.
-   تعاني من قصور المعرفة المتعلقة باستراتيجيات التغيير وكيفية تنفيذها.
-   تهتم بدراسة وإحداث التغير في المدرسة وتكاد تنحصر معرفياً في ذلك.
-   اكثر اهتماماً بالتغير الذي يطرأً على المخرجات من التلاميذ.
-   أكثر اهتماماً بمسيرة التغير في المدرسة منها بالمقاصد المتحققة من ذلك التغير.
-   اكثر اهتماماً بحالة المدرسة في الوقت الراهن.
-        أكثر اهتماماً بحالة التغير الحادثة للمدرسة.
-        تعتمد معرفياً على نتائج البحوث.
-        تعتمد معرفياً على حس الممارسة.
-        نطاق المخرجات محدود.
-        نطاق المخرجات واسع متعدد الأبعاد.
-        تهتم بالمدارس الفعالة.
-        تهتم بكيفية إيجاد المدرسة الفعالة.
-        ذات توجه استاتيكي.
-        ذات توجه ديناميكي.


        حيث يتبين مدى القصور الذي يشوب كل بناء معرفي منهما بشكل منفصل عن الآخر ، وإن بدت حاجة البناء المعرفي لبحوث المدارس الفعالة إلى التكامل أكبر ،  نظراً لعوامل عدة من أهمها قلة ما أجرى في إطاره من دراسات للحالة ، وإكثاره من تحليل ظاهرة تدنى المخرجات إلى عدد كبير من العوامل والمتغيرات ، الأمر الذي يفضي في النهائية إلى نتائج غاية في التفتت Fine-grained informations  والصغر ، علاوة على كونها معلومات تفصيلية تصف حالة المدرسة في حينها at a point in time ولا يمكن التعويل عليها في تفسير مراحل تطورها وما يطرأ عليها من تغير .



        أما عن حاجة البنية المعرفية لبحوث تطوير المدرسة إلى التكامل مع بنية المدارس الفعالة ، فيمكن إجمالها في : كون بحوث المدارس الفعالة ذات مستويات متعددة من التحليل ، الأمر الذي يفيد في محاصرة وفهم عمليات التعلم والتدريس وغيرها مما يحدث داخل الفصل ، مع قدرٍ عالٍ من التمييز بين المتغيرات ، والتحديد الامبريقي الدقيق لما بينها من علاقات سببية وارتباطيه(25).

        والخلاصة ، أن كلا المنظورين يحتاجان إلى التكامل مع بعضهما البعض ، بحكم الطبيعية المعرفية المميزة لكل منها ، وبحكم الضرورة البرجماتية لتوظيفهما والاستفادة منهما على افضل وجه ممكن ، ولكن يبدو أن ثمة عوامل أخرى مما يدخل في نطاق اجتماع المعرفة تقف وراء ضعف الاستجابة العملية لتلك الضرورات ، بل ومقاومة الاتجاه المنادى بالدمج والتكامل أحياناً . خاصة في السياق الأوربي الغربي ، والبريطاني بوجه خاص (26).

        فإذا ما عدنا إلى مجال اهتمام الدراسة الراهنة وموضوعها الرئيسي، ألا وهو النمو المهني للمعلمين، لوجدنا في الاستعراض السابق أن اتجاه تطوير المدرسة قد أولى المعلمين قدراً كبيراً من اهتمامه باعتبارهم اللاعبين الرئيسيين في إحداث التطوير Key players، وان نماذجه النظرية لا تخلو من دور محوري يلعبه المعلمون، فرادى أو جماعات، أثناء عملية التغيير، بل وفي التخطيط لها ، وفي ريادة البعض منهم للبعض الآخر من اجل أن يصبح تطوير المدرسة موضوعاً ذا معنى . مما افرز مسماً خاصاً بهؤلاء المعلمين الإيجابيين هو "الفراشات Butterflies"، لما يتسمون به من ديناميكية واتساع في دائرة التأثير ونقل الخبرات. (27)

ثانياً : النمو المهني للمعلمين في إطار حركة تحسين المدرسة وحركة المدارس الفعالة :

وترصد الكتابات المتخصصة ما يمكن وصفه بـ "الثورة الصامتة" التي اجتاحت التنمية المهنية للمعلمين في إنجلترا خلال التسعينيات ، فقد كانت برامج التدريب أثناء الخدمة INSET السائدة في الثمانينيات ذات تخطيط وتمويل مركزيين بواسطة السلطات التربوية المحلية ، في إطار النزعة الأبوية التي كانت سائدة حينئذ ، ثم جاءت الإصلاحات التعليمية عام 1988 لتزيد من حوافز المعلمين المادية والتدريبية ، وتعطي المدارس المزيد من الاستقلالية Autonomous Schools System . في إطار مبدأ "الإدارة المتمحورة حول المدرسة Sit- based School management" (28). 

وفي اتجاه اللامركزية واستقلال المدرسة ، أصبحت التنمية المهنية للمعلمين أيضاً اكثر ارتباطاً بالمدرسة ، وظهر شعار "توطين المعلمين" للدلالة على وثيق الصلة بين تحسين المدرسة وفاعليتها ، وين فاعلية المعلمين داخلها ونموهم المهني.

وبرغم أنه كان لحركة المدارس الفعالة دور كبير في إيجاد السياق الحافز لبحوث التنمية المهنية المستمرة للمعلمين ، والمتعلق منها بعمليات التدريس وخلق وابتكار المواقف التعلمية خاصة ، ضمن نظام المعايير الوطنية المعتمد .. فإن إسهام حركة تطوير المدارس كان الأكثر دفعاً ودعماً لتلك البحوث ، من خلال ما إتاحته للمعلمين في مشروعاتها التطبيقية وكتاباتها النظرية من أدوار رئيسية ، وعلى ذلك ، فقد شهدت التسعينيات محاولات عديدة لتحديد المفهوم الحديث للتنمية المهنية المستمرة للمعلمين داخل مدارسهم ، وزاد من صعوبة المهمة الطبيعة المتغيرة والمتسارعة التي اتسمت بها التطبيقات في إنجلترا والولايات المتحدة وتراوحها بين الإطارين الفكريين : إطار حركة المدارس الفعالة ، وإطار حركة تحسين المدرسة: فمثلاً يسند (Joyce, B, 1991) جانباً هاماً من المسئولية عن تطوير المدرسة إلى المعلمين العاملين بها عند تحديده للأبواب الخمسة الناجحة للتحسين المؤسسي وهي (29):
1.                خلق ثقافة التطوير من خلال تنمية العلاقات المهنية بين المعلمين ، ومن ثم بينهم وبين المجتمع الأوسع .
2.                تعويد المعلمين على ممارسة البحث العلمي في مجالات تحسين المدرسة والتدريس الفعال .
3.      تمكين المعلمين من جمع المعلومات وتحليلها حول التلاميذ والمدرسة وآثار التغيير ، كجزء من التقويم الذاتي .
4.      حث المعلمين على تقديم المبادرات وبذل الجهد في تطوير المناهج بالتعاون مع الأكاديميين وواضعي السياسات التعليمية .
5.      تمكين المعلمين من تطوير ممارساتهم التدريسية وصقل خبراتهم وتبادلها وتنمية مهاراتهم ونقد ومراجعة استراتيجياتهم .



وقبله اشترط (Judith Little, 1981) أربعة شروط لا يتم تحسين المدرسة إلا بحدوثها، وجميعها تندرج تحت مفهوم النمو المهني للمعلمين وهي (30):
1.      أن يعتاد المعلمون ويستمروا في التحدث مع بعضهم البعض حول ممارساتهم من اجل إيجاد لغة مشتركة تخص مهنتهم .
2.      أن يعتاد المعلمون ملاحظة بعضهم البعض أثناء ممارسة التدريس ، وان يوفروا لبعضهم البعض لوناً من ألوان التغذية الراجعة .
3.                أن يعد المعلمون موادهم التدريسية ويخططوها ويقوموها مع بعضهم البعض .
4.                أن يقوم المعلمون بتدريس بعضهم البعض كيفية التدريس .

وعلى الطرف الآخر هناك تعريف (بولام 1991) للتنمية المهنية المستقى من أفكار حركة المدارس الفعالة ، والذي تبناه مشروع جامعة (كيل Keel) للمربين الفعالين بإنجلترا وويلز ، حيث تتحدد أهداف التنمية المهنية المستمرة C.P.D. للمعلمين في (31):
1.                إضافة معارف مهنية جديدة إليهم .
2.                تنمية المهارات المهنية لديهم .
3.                تنقية القيم المهنية لديهم .
4.                تمكينهم من تحقيق تربية فعالة لتلاميذهم .

وبحيث تجسد المفهوم ثلاثة مكونات رئيسية هي : "التدريب المهني" المتمثل في الدورات القصيرة وورش العمل التي تركز على التطبيقات والمهارات ، ثم "التربية المهنية" المتمثلة في الدورات الطويلة التي تركز على المعارف النظرية والأساليب البحثية ، وأخيراً "المساندة المهنية" المتمثلة في استقرار التدرج الوظيفي وتحسين الأوضاع الوظيفية.

ويلاحظ على تلك المكونات أنها تتجاوز المعنى الضيق في المفهوم السابق لتربية المعلمين أثناء الخدمة INSET ، حيث كان التركيز على الجوانب المؤسسية من الاحتياجات ، اكثر من الجوانب الشخصية ، وحيث يمثل التزام المعلم بالخضوع للبرامج الدورية للتدريب والتجديد عبئاً ثقيلاً عليه ، نظراً لكونه مفروضاً عليه ، وليس نابعاً من دوافع ذاتية نحو النمو والمزيد من التعلم كما هي الحال في المفهوم الجديد .

والنقطة الأخيرة هذه ، ونعنى بها "الدافعية الذاتية" والشعور بملكية المعلمين لتجربة التطوير "Ownership" ، هي التي وعاها أصحاب اتجاه تحسين المدرسة من خلال خبراتهم التطبيقية والبحثية ، فقد وجدوا أن تنفيذ المعلمين للمناهج المطورة وطرائق التدريس الفعالة بشكلٍ يؤدي إيجابياً إلى تحسين تعلم التلاميذ ، قد يكون من الصعوبة بمكان ، مالم يصحبه تغير حقيقي في بعض معتقداتهم وسلوكياتهم ، ومالم ينبع من تجارب شخصية وجمعية جادة يتم توصيفها بشكلٍ علمي (32).

وعلى ذلك فقد وجد هؤلاء في "بحوث الفعل" التي يمارسها المعلمون داخل فصولهم ومدارسهم لفهم المشكلات اليومية ، وجدوا فيها العلاج الناجح لمعضلة الانفصال بين النظرية والتطبيق، وما يترتب عليها من فتورٍ تجاه ما يفرض على المعلمين تنفيذه من نظريات أتت - في نظرهم من أبراج أكاديمية عاجية.

ولكن ، كيف تسهم بحوث الفعل التي يجريها المعلمون في تطوير مدارسهم وزيادة فاعليتها ؟ وهل العلاقة بينهما على هذا النحو مكتملة ، أم أنه ينقصها الوجه الآخر من العملة ، ونقصد به أثر المناخ المدرسي الفعال والمستنير على النمو المهني للمعلمين؟ .. لا شك أن ممارسة المعلمين للبحث العلمي يؤدي بالضرورة إلى زيادة نموهم المهني وربط معارفهم النظرية بالتطبيق ، وبالتالي إلى تحسين المدرسة وزيادة فاعليتها ، بيد أن ممارسة هذا البحث بشكلٍ جيد لا يمكن أن تتم إلا في مناخ مدرسي يتسم بالفهم والموضوعية والاستنارة .. فهل تأتي البيضة أولاً أم الدجاجة ؟

يرى منظرو التطوير المدرسي أن البداية الحقيقية تتمثل في توافر "إرادة التغيير" لدى أعضاء هيئة التدريس بالمدرسة ، ثم في توافر الدعم والمساندة الخارجية ، ممثلة في المشروعات التي تشارك فيها كليات المعلمين والسلطات التعليمية المحلية .. ، ومن خلال التنسيق والتعاون بين الطرفين يبدأ مشهد التغيير بطرح مجموعة من الأسئلة ، التي تحتاج الإجابة عنها بذل المزيد من الجهد في البحث والاستقصاء ، ومن ثم وضع استراتيجيات التطوير المناسبة ، ومن هذه الأسئلة : (33)



1.                التساؤل حول الثقافة السائدة بين معلمي المدرسة :
-       هل تتسم ممارساتهم بالتناغم والتناسق ، أم أنها ممارسات معزولة عن بعضها البعض ، أم تتسم بالصراع والتناقض.
-       هل ثمة ما يمكن تسميته بالعقيدة البحثية التي تجعل من تلك الممارسات أشياء ذات معنى ، بحيث تمثل علامة فارقة في مسيرة تقدم التلاميذ ؟
-       هل يؤمن المعلمون بأنهم بالفعل أو على الأقل ينبغي أن يكونوا معلمين ومتعلمين في ذات الوقت ؟ وهل يقدرون مدى حاجاتهم إلى التعلم في ضوء أحكام ومعايير موضوعية؟
-       هل يمتلك المعلمون لغة مهنية مشتركة أوجدها حديثهم إلى بعضهم البعض حول ممارساتهم التدريسية واحتياجاتهم للنمو المهني ؟ أم يرى كل منهم أن ما يجرى داخل حجرة الدراسة هو من صميم شؤونه الخاصة؟
-       هل يمتلك المعلمون الجرأة والرغبة في التجريب والخروج عن المألوف ؟ وهل هذه الرغبة موجهة بشكل منضبط يعتمد على ملاحظة الممارسات التجريبية ورصد آثارها واستقصاء نتائجها .. مما يمثل جوهر بحوث الفعل ؟
2.                التساؤل حول البنية التنظيمية للمدرسة :
-       هل تتضمن تلك البنية نسقاً خاصاً بالنمو المهني للمعلمين ؟ وهل يولى ذلك النسق اهتماماً للبحوث التي يجريها المعلمون بأنفسهم ؟
-       هل هناك آلية معينة لتصنيف وتقدير احتياجات المعلمين للنمو المهني وتعيين الأنشطة المناسبة لتلبية تلك الاحتياجات ؟
-       هل هناك ربط بين احتياجات النمو المهني للمعلمين وبين احتياجات تحسين المدرسة وزيادة فاعليتها ، بما ينعكس في الخطة المدرسية بشكل واضح ؟
-       هل ثمة تشجيع من قبل القادة بالمدرسة للمعلمين لكي يوجدوا خطاباً نقدياً
to establish a critical discourse في مواجهة الخطاب الرسمي أو التنفيذي الممثل في سياسات المدرسة؟
3.      التساؤل حول مدى اهتمام بحوث المعلمين بالمدرسة ككل ، وليس فقط بما يجرى داخل حجرات الدراسة ، مثل اهتمامهم بنمط الإدارة ، ومدى كفاءة نظم المعلومات ، والتمويل .. وغيرها من الأبعاد.

4.                التساؤل حول أهداف بحوث المعلمين وكيفية ترجمتها إلى موجهات إجرائية :
-       هل تهدف تلك البحوث فقط إلى تقييم مخرجات التعليم بشكل كمي ونوعي ؟ أم تهدف كذلك إلى رصد وقياس التحسن الذي يطرأ على تعلم التلاميذ ؟
-                     هل تكتب التقارير البحثية بصيغة واضحة ومباشرة ، يمكن ترجمتها إلى إجراءات عملية للتغيير ؟
-       هل تجرى مناقشة نتائج وتوصيات تلك البحوث من قبل كافة الأطراف من اجل وضع الخطط لتنفيذها ؟
5.                التساؤل حول الوقت المتاح لبحوث المعلمين وطبيعة الدعم الموجه لها :
-       هل يتاح وقت كاف من ذلك المخصص لبرامج التدريب أثناء الخدمة والنمو المهني لممارسة بحوث الفعل ، في ظل الأعباء التدريسية المفروضة على المعلمين؟
-       هل تلقى بحوث الفعل التي يجريها المعلمون دعماً أكاديمياً ومادياً من بعض الجهات الشريكة للمدرسة.
-       هل يتعاون العاملون بالمدرسة مع المعلمين في تطبيق الأدوات البحثية ، أو توفير المعلومات والبيانات ، أو إجراء الإصلاحات الإدارية .. وغيرها ؟

بين أن بحوث الفعل التي يعتمدها أصحاب اتجاه تحسين المدرسة مدخلاً للتطوير من جانب ، ووسيلة للتنمية المهنية للمعلمين من جانب آخر ، تختلف عن البحوث الأكاديمية التي يجريها الباحثون من خارج المدرسة ، وان خضعت طبعاً للأسس المنهجية المعروفة للبحث العلمي ؛ فهي بحوث موجهة بالممارسة وليس بالتنظير ، تنطلق من وجود مشكلات أدائية تعترى العمل المدرسي ، سواء كان بداجوجياً أو إدارياً ، وتنتهي بتعميمات يمكن ترجمتها إلى إصلاحات وتغييرات في أساليب الأداء ، وفي العوامل المؤثرة عليها ، ويمكن الارتكاز عليها فيما بعد بوصفها موجهات إجرائية أو قواعد حاكمة . أو بالأحرى معرفة مهنية .

ويحذر أصحاب اتجاه تطوير المدرسة من شرك القوالب البحثية الجاهزة أو النماذج التقليدية في البحث الامبريقي التي قد يكسل المعلمون عن إبداع أشكال ومنهجيات مغايرة لها ، أو التي قد يفرضها عليهم الأكاديميون المتعاونون معهم من قبل جهات خارجية شريكة . كمعاهد المعلمين بالجامعات ، أو المراكز البحثية المعنية (34) ، كما يحذرون من الاندفاع في جعل بحوث الفعل بمثابة تكليفات روتينية مفروضة بوصفها جزءاً من برامج التنمية المهنية ، لأنها حينئذ لن تحقق الهدف منها وهو تنمية شعور المعلمين بملكية التجربة المهنية ، وبالتالي لن تصبح جهود التطوير وزيادة الفاعلية أموراً ذات مغزى بالنسبة لهم .

وفي ذات الوقت يربط هؤلاء بين النمو المهني للمعلمين من خلال بحوث الفعل المدرسية ، وبين النمو المهني للأكاديميين المتعاونين معهم في مشروعات التطوير ؛ فالعائد من شراكة أساتذة التربية في مثل تلك المشروعات بصفة مستشارين أو ميسرين Faciliators  عائد كبير ، لا يقل في قيمته عن ذلك الذي يحظى به المعلمون وتحظى به مدارسهم ، حيث تتيح لهم فرصة ممارسة تلك البحوث في الميدان تعديل أطرهم الفكرية والبحثية المتعلقة بعمليات التعلم عن كثب .

والى جانب بحوث الفعل ، يتضمن مفهوم التنمية المهنية المستمرة للمعلمين داخل مدارسهم العديد من الأنشطة والإستراتيجيات ، وكلها تفيد من ظرف التغير الذي يعترى المدرسة أثناء سعيها إلى التطوير وزيادة الفاعلية ، ومن ثم ينعكس نجاحها إيجابيا على ذلك التحسين والتفعيل من خلال (35):
1.                تعظيم العائد من الاستثمارات المخصصة للتعليم بالمدارس بتعظيم نواتج التعلم .
2.                تحسين الأداء البداجوجي من خلال بحوث الفعل.
3.                إرساء فكرة "السوق" كإطار حاكم لتقييم الأداء المهني للمعلمين .
4.                تقدير مدى فاعلية نماذج إدارة التغيير من خلال تأمل نتائجها وفهمها وتحليلها .

بيد أن المفاضلة بين تلك الأنشطة والاستراتيجيات واختيار المناسب منها في كل حالة فريدة ، هو من قبيل السعي إلى إحداث التوازن بين الأنشطة المتمركزة حول المدرسة ، وبين تلك المدعومة مركزياً ، والرغبة في توليف المتماسك والمتآزر منها لتحقيق الأهداف المحددة لها.. ومن تلك الأنشطة (36) :




-                     البرامج قصيرة الأجل :
وهي بمثابة جرعات سريعة ومنتهية تقدمها غالباً جهات راعية خارجية مثل مديريات التعليم المحلية أو بعض المؤسسات الخاصة ، وبالرغم من كونها بعيدة نوعاً عن البيئة المدرسية ، فإنها تستهدف تجويد أداء المعلمين وصقل معارفهم ومهاراتهم .
-                     البرامج طويلة الأجل :
وهي أيضاً من الأنشطة المعالة مركزياً وإن كانت الإصلاحات التعليمية في إنجلترا على سبيل المثال عامي 87 ، 1988 قد قلصت منها بشكل كبير واستبدلتها بتلك المخططة والممولة ذاتياً من المدارس.
-                     أيام التنمية المهنية :
وهي في نظر بعض الكتاب اكثر من مجرد تلبية لاحتياجات تدريبية ، لأنها تعزز جوانب معنوية هامة في التنمية المهنية للمعلمين ، فهي ترسخ لديهم الشعور بالانتماء ، وتسهم في تخفيف الضغوط التي تزخر بها الحياة المدرسية ، كما تكرس النسق القيمي المشترك بينهم .
-                     الأنشطة الجماعية :
وفيها يمارس فريق من المعلمين نشاطاً معيناً يتصل بإحدى المشكلات المدرسية خارج أوقات العمل ، في عطلة نهاية الأسبوع مثلاً وفي مكان مريح ومحبب أو على مائدة الطعام "حفلات عمل" ، ثم تعرض نتائج أعمالهم على باقي العاملين بالمدرسة بعد ذلك .
-                     الصداقة الناقدة Critical Friendship :
وهي نوع من أنواع الاستشارة الحافزة Catalyst Consultancy يقوم بها بعض الخبراء من داخل المدرسة أو من خارجها ، حيث يتابعون الاداءات المختلفة كل فيما هو متخصص فيه ، ويقدمون ملاحظاتهم النقدية إلى المستفيدين منها من أعضاء هيئة التدريس بانتظام . ويساهمون في تكوين لغة مهنية مشتركة تكون نواة لثقافة التطوير بالمدرسة .



-                      برامج التعليم عن بُعدْ :
وفيها يستخدم القائمون على مشروعات التطوير المدعومة مركزياً من قبل السلطات التعليمية والجامعات .. وغيرها ، إمكانات ووسائط التعليم عن بُعدْ في نشر المعرفة المهنية المستقاة من بحوث الفعل التي تجريها بعض المدارس المشاركة في المشروع بين المدارس الأخرى من اجل تبادل الخبرات ، وقد تستخدم أيضاً في عقد مؤتمرات مفتوحة عن طريق دوائر الاتصال التلفزيونية لمناقشة بعض الموضوعات الخاصة بالنمو المهني وتطوير المدارس .
-                     الملاحظة بالمشاركة Mutual Observation :
وفيها يتبادل المعلمون ملاحظة الأداء التدريسي داخل قاعات الدراسة لبعضهم البعض ، أو يقوم المعلمون القدامى بملاحظة زملائهم المحدثين ، ثم تجرى لقاءات جماعية للمناقشة .
-                     الممارسات الافتراضية Work – Shadowing :
وهي مفيدة بالنسبة للمرشحين من القيادات المدرسية الوسطى لشغل مواقع قيادية أعلى ، حيث يتدربون على الممارسة غير الواقعية لبعض المهام الحقيقية المنوطة بها القيادات الأعلى .. ويضيف هذا النشاط بعداً إبداعياً للمعرفة المهنية المستخلصة منه ، لان ما يتوصل إليه المتدربون من مداخل وحلول إنما يصدر متحرراً مما قد يخضع له الممارسون الحقيقيون من ضغوط توجه مداخلهم وتحد من الإبداع فيها .

وهكذا تتعدد أنشطة التنمية المهنية ، بل وتفتح الباب لمزيد من التعدد وابتكار أساليب جديدة .. ولكن المهم في إطار الاتجاه نحو التمركز حول المدرسة ، هو الموازنة بين ما يطالب به المعلمون ويتوقعون الحصول عليه من  فرص لا حصر لها من التنمية المهنية ، خاصة وقد تحرروا من إرث ثقيل من القيود التي كانت تفرضها البرامج المركزية .. وبين الإمكانات المتاحة فعلاً بالمدرسة ، من وقت ، وميزانيات ، وتقنيات ، وكفاءات .. وغيرها . الأمر الذي يتطلب جهداً مضنياً في التخطيط للتنمية المهنية بالمدرسة ، والموضوعية في تقدير الحاجات التنموية للمعلمين وتوصيفها بدقة . ويتطلب قبل ذلك أن يشارك المعلمون في ذلك التخطيط .

ويحدد بعض الكتاب العناصر الرئيسية في عملية تخطيط التنمية المهنية داخل المدرسة، والتي اشتقت من خبرات تنفيذ بعض مشروعات تطوير وتفعيل المدارس،
كما يلي(37):
1.                الهدف :
ماذا يريد المعلمون في المدرسة وماذا يحتاجون ؟ وقبل ذلك ما مفهومهم الخاص للتنمية المهنية ؟
2.                 التنظيم :
من المنوط بتلبية تلك الرغبات والاحتياجات ؟ وكيف سيقوم بذلك ؟
3.                البرنامج :
ما نوع المتطلبات التي يجب توفيرها ، وبأي كيفية وأي توقيت ؟
4.                التقويم :
كيف ، ومتى سيكون التقويم ، ومن الذي سيتولى ذلك ؟ والى أي جهة سيقدم نتائجه ؟
5.                الكلفة :
ما حجم التمويل اللازم للتنمية المهنية ؟ وما مصادره ؟
6.                التوقيت :
متى سيتم كل نشاط من أنشطة البرنامج ؟ وما ترتيبه في السياق ؟

وبشكل عام يشير تحليل ما تتضمنه الكتابات من دراسات الحالة لمدارس تبنت مفهوم التنمية المهنية المستمرة المتمركزة حول المدرسة School - based profissional Dvelopment. ، إلى أن نجاح التخطيط يتوقف دائماً على مدى اتساع دائرة صنع القرار . كما يتوقف على مدى فهم المعلمين للسياق الرسمي والمجتمعي الحاضن للمدرسة ، والموازنة بين توقعاتهم ومطالبهم من التنمية المهنية ، وبين ما يطالبهم به ذلك السياق وما يتوقعه منهم ، وكذلك يتوقف على مدى قوة الانتماء والإحساس بالملكية لديهم في ظل استقلالية المدرسة واعتمادها على ذاتها .

وهكذا انعكست جهود إخراج المدرسة الغربية من أزمتها انعكاساً إيجابياً على النمو المهني للمعلمين ، بل قل أنه أصبح وبعد طول تغافل العامل الحاسم في إخراجها من أزمتها، لكون العلاقة بين الموضوعين اعمق واعقد من أن تكون أحادية الاتجاه ؛ فلا مخرج للمدرسة من أزمتها بالإصلاحات والتجديدات المركزية المفروضة من أعلى ، بل من خلال جهود معلميها والعاملين بها ، وفي ذات الوقت ، لا نمو للمعلم إلا بتفاعله مع سياقه المهني في الفصل والمدرسة وما يستخرجه منه من معارف ومهارات .. وهو بالضرورة سياق صحي داعم لهذا النمو محفز له.

ثالثاً : نحو مدرسة عربية محسّنة وفعالة ، وتنمية مهنية مستمرة للمعلمين فيها :

لا شك أن اختلاف السياق الثقافي والاقتصادي لكلا العالمين الأول والثالث ، هو من الأمور ذات الاعتبار عند الحديث عن مدى نجاح التجارب الإصلاحية والتجديدية في التعليم إذا ما أريد نقلها إلى البلدان النامية ، بيد أن الاندفاع وراء تلك المقولة على إطلاقها ربما يلجم كثيراً من الطموحات لدى تلك البلدان في اللحاق بالركب ، خاصة إذا كان الاتجاه الكاسح نحو العولمة قد استغرق كافة المجالات ، والتعليم واحد منها .

فالحديث عن الشروط الموضوعية اللازمة لكي تتحرر المدرسة العربية ضمن تحرر مدارس العالم النامي عموماً من قيودها ، ولكي تخرج من أزمتها ، هذا الحديث لم يعد من باب التمني بقدر ما اصبح  ضرورة بقاء ، ولم يعد من باب المستحيل ، بل أصبحت التجارب الإصلاحية الناجحة تراثاً ورصيداً واقعياً يدعمه .

ومن أبرز تلك الشروط الموضوعية لإيجاد مدرسة متجاوزة للبيروقراطية Post – Bureaucratic school* في الدول النامية ، أن تتبنى تلك الدول نماذج تحديثية في التعليم تتسم بالمرونة في مواجهة التغير ، وليس شرطاً أن تستند إلى إمكانات تكنولوجية ومادية جبارة ، بقدر ما يتعين أن تستند إلى فكر مبدع وخلاق يستوعب السياق المجتمعي ويعي خصوصيته واحتياجاته ، وقبل ذلك يتسم بالديمقراطية .. كما لا يشترط أن تستند تلك النماذج إلى نظرة اقتصادية خالصة Cost – Effectiveness  بقدر ما  يتعين أن تحدد أهدافها في إيجاد الإنسان المتعلم مدى حياته ، المتكيف مع التغير ، والقادر على البقاء (38).

وتقدم كثير من مشروعات تطوير المدارس في البلدان النامية معرفةً تربويةً واداريةً رصينة في هذا المجال ، بحيث يمكن الاحتذاء بها في الدول العربية ، ومن المبادئ الهامة التي أرستها تلك المشروعات لتحقيق المرونة والفاعلية (39):

1.                تحطيم حواجز الزمان والمكان :
بحيث لا تتقيد المدرسة بحدود جدرانها وفترات الدراسة النظامية ، وتسعى إلى المتعلمين أنى وجدوا.
2.                التدريس .. ومن يقوم به ؟
إذ لم يعد مقبولاً أن يحرم المتعلمون من الاستفادة من خبرات ومعارف قد لا يمتلكها إلا أناس من مجالات خارج نطاق وظائف التدريس ، وفي ذات الوقت لم يعد مقبولاً كذلك أن تترك مسئولية التعليم في المجتمعات لفئة المعلمين وحدهم في ظل تنامي مفهوم الشراكة المجتمعية.
3.                مرونة اكبر في تصنيف مجموعات المتعلمين (تنظيم التعليم):
إذ لم يعد الشكل الفولاذي للسلم التعليمي ملائماً لمواجه التغير ولتلبية احتياجات المتعلمين وطموحاتهم .
4.                استقلالية أوسع للمدرسة في تصميم المناهج والمواد التعليمية ، وتنظيم المواقف التعلمية .
5.      نظرة اعمق إلى فكرة تقدير مخرجات التعليم ، تتجاوز الحدود الكمية الظاهرية إلى ما يمكن تسميته بالنواتج الحقيقية للتعلم ، والتي تمثل جزءاً من التكوين المعرفي والاجتماعي للفرد ، وليس فقط مقدار ما يحصله من معارف ومعلومات .

وبالطبع فإن تطبيق تلك المبادئ مرتبط بانتعاش المناخ الديمقراطي في المجتمع ، إلى الحد الذي يمكن معه الربط اشتراطياً بين تجاوز البيروقراطية Post – Bureaucracy وبين الديمقراطية Democracy ، ثم بينهما معاً وبين الفاعلية Efficiency ، إذ يتعين دائماً أن يطرح السؤال "المدارس الفعالة لمن ؟ ولأجل ماذا ؟" قبل الاندفاع وراء التساؤل حول "المدارس الفعالة .. كيف ؟" ، لأن واحداً من أهم أهداف المدرسة الفعالة هو التعامل معرفياً مع التفاوتات والسعي إلى علاجها ، أي الوصول إلى حلول سلمية تماماً لمشكلات الصراع الاجتماعي من خلال بيئة مدرسية ديمقراطية ومجتمع مدني داعم (40).
وبرغم طوبائية ذلك الهدف ، وربما عدم تحققه في السياق الغربي الذي افرزه ، فإنه لم يزل من أبرز ادعاءات الخطاب الحضاري والسياسي الغربي في مواجهة الخطاب الجنوبي المنادي بالمساواة والحوار المتكافئ ؛ إذ يربط الأول دائماً بين غياب الديمقراطية لدى الأخير وبين تخلفه وصعوبة أو استحالة تجاوزه للفجوة بين العالمين .

ولكن البحث في أسباب تفاوت الإنجاز التعليمي ، ليس فقط بين العالمين الأول والثالث ، بل أيضاً بين مجموعات من المدارس وبين مجموعات أخرى داخل المجتمع الواحد ، وهو الذي افرز حركتي المدارس الفعالة وتحسين المدارس .. هذا البحث لم يزل بعد عاجزاً عن حسم الجدل الدائر بين القائلين بأن أسبابه اجتماعية / اقتصادية تقع خارج النطاق المدرسي ، وبين المؤكدين على أن أسبابه بداجوجية بالأساس تعد المدرسة المنظمة الوحيدة المسئولة عنها (41):
-       فأصحاب التفسير الاجتماعي لتفاوت الإنجاز التعليمي مقتنعون بأن طلاباً من نفس المستوى الاقتصادي / الاجتماعي قد يظهرون تبايناً بسيطاً في إنجازهم إذا ما تغير مستوى الخدمات التربوية المقدمة لهم (من خلال مدارس فعالة وأخرى غير فعالة) ، بينما يصبح ذلك التباين عالياً إذا ما تغيرت الخلفية الاجتماعية لطلاب يتابعون دروسهم في مدراس متقاربة المستوى*.
-       بينما بينت دراسات مقارنة عالمية أجريت في الثمانينيات على عدد من الدول النامية ، أن أثر المنشأ الاجتماعي للتلاميذ في تلك الدول يقل بالمقارنة مع الدول المتقدمة ، بينما يزيد أثر العامل البداجوجي (المدرسة) على الإنجاز ، حيث تتسم الخدمات التعليمية في الدول المتقدمة بالتجانس بين المدارس أكثر مما هو  الحال في الدول النامية ، وحيث ترتفع الجدوى الاقتصادية للتعليم في الدول النامية ، الأمر الذي يزيد الطلب الاجتماعي  على التعليم فيها ، فتصبح الفروقات عائدة لمدى قدرة المدارس على توفير نوعيات جيدة من التعليم من عدمه**.

وبالطبع يمكننا أن نسوق بعض التحفظات على تلك النتائج والتفسيرات ، لأن فكرة تجانس الخدمات التعليمية التي تقدمها المدارس في الدول المتقدمة لا تكاد تصمد أمام واقع الحياة المدرسية المشاهد في الأحياء الفقيرة للزنوج والاقليات العرقية الأخرى في أوروبا والولايات المتحدة ، ولكون الطلب الاجتماعي المتزايد على التعليم في الدول النامية مع محدودية إمكانات التعليم الحكومي ، إنما يفتح الباب أمام التأثير البالغ للتفاوتات الاقتصادية / الاجتماعية على نوعية التعليم الذي تقدمه المدارس ، متمثلاً في ظاهرة الدروس الخصوصية ، وتنامي حجم التعليم الخاص باهظ المصروفات .. وهي  تحفظات هامة تؤكد على ضرورة القيام بدراسات "تأويلية" أكثر عمقاً من مجرد التحليل البسيط القائم على مؤشرات كمية ، أو الاعتماد على دراسات من نوع (مدخلات / مخرجات) فقط.

وبغض النظر عن تأويل" ظاهرة تدني الإنجاز التعليمي ، فقد اصبح من المسلم به آن أزمة الفاعلية التي تمر بها "المدرسة" ، سواء في البلدان المتقدمة أو النامية ، بمثابة الظاهرة العالمية العامة ، على نسبية خلفياتها واختلاف أسبابها ، واصبح المدخل الأكثر نجاحاً لعلاج تلك الأزمة أن يبدأ التطوير من داخلها . أي من داخل المدرسة .

ولكن ما موقع بحوث تفعيل المدرسة وتحسينها من السياق العربي ؟ الواقع أن الاتجاه السائد في الممارسات العربية ، سواء على مستوى البحث العلمي ، أو على مستوى السياسات التعليمية ، هو اتجاه التجديد التربوي Innovation الذي يهتم باستحداث الأشكال والأنماط التعليمية ، وتعديل نظم التعليم ومناهجه وأساليب تقويمه ..الخ ، وحتى ما يجرى من محاولات بحثية لتقويم فاعلية نظم التعليم وتحسين جودته ونوعيته وهي قليلة*، إنما يركز على النظام التعليمي بعناصره المختلفة ، ومنها المدرسة ، دون اهتمام كافٍ بما يجرى داخل المدرسة بوصفها وحدة مستقلة وحالة متفردة . اللهم إلا النذر اليسير من الدراسات .

وفي نفس الاتجاه تسير البحوث المتعلقة بالمعلم العربي ، إذ تطغى بحوث إعداد المعلم على بحوث تدريبه أثناء الخدمة ، علاوة على اهتمام الأخيرة بنوعية التدريب وأنماطه وأشكاله دون أن تتجاوزه إلى المعنى الأعمق والأكثر شمولاً وارتباطاً بالمدرسة ، ألا هو مفهوم "التنمية المهنية" .

ويسهم النمط المركزي في إدارة النظم التعليمية العربية في تكريس المعنى الضيق للتدريب أثناء الخدمة ، والمتمثل في الدورات التي تعقد على مستوى المناطق التعليمية والمديريات ، وفيها يخرج المعلمون من مدارسهم ويتوقفوا عن الممارسة لفترات تقصر أو تطول ، ويشحن الجدول الزمني بعدد كبير من المحاضرات النظرية حول المناهج المطورة أو السياسات التعليمية الجديدة ، وتوظف أحدث تقنيات الاتصال ، لا للتعليم عن بُعد ، أو لتبادل الخبرات بين مجموعات المعلمين في مناطق متنوعة ثقافياً وجغرافياً وبيئياً ، بل لتأكيد مركزية التدريب أو قل "التلقين"**.
وعلى ذلك ، يمكن اقتراح مجموعة من الموجهات الإجرائية التي يجب أن يتبناها التعليم العربي في سبيل تحسين نوعية المدارس وزيادة فاعليتها والتنمية المهنية لمعلميها كما يلي:

أولاً : الارتكاز إلى المدرسة : ويتطلب ذلك اتخاذ مجموعة من الإجراءات منها :
1.      نقل بعض السلطات من مستوى المناطق التعليمية والمديريات إلى قيادات المدارس ، في المجالات المالية والإدارية والتعليمية ، وذلك بالتفويض في المراحل الانتقالية ، ثم نهائياً في المراحل التالية .
2.      دعم قوى ومنظمات المجتمع المحلي من اجل تكوين كيانات أهلية منظمة تلعب دور الشريك الكامل مع المدارس في رسم سياساتها وخططها وتمويلها وتنفيذها وتقويمها .
3.      صياغة بروتوكولات الشراكة بين الجامعات ومراكز البحوث وبين المدارس المحيطة بها ، وإيجاد الآليات المناسبة لتنفيذ لتك البروتوكولات في مجالات : الدعم الفني والتقني ، إقامة المشروعات المشتركة لتطوير وتفعيل المدارس والتنمية المهنية للمعلمين ، إجراء البحوث والدراسات الميدانية.

ثانياً : إقرار منطق المنافسة : ويتطلب ذلك اتخاذ الخطوات الإجرائية التالية :
1.      وضع تصور رشيد لفكرة السوق وعلاقتها بكون التعليم حقاً إنسانيا ، واستثماراً بشرياً ، والتزاماً حكومياً ومجتمعياً.
2.      اعتماد معايير وطنية لجودة التعليم وفاعلية المدارس والمعلمين والمناهج.. بناء على دراسات تقويمية وأخرى مقارنة .
3.      دراسة الخصائص والميزات التنافسية لكل قطر أو إقليم أو منطقة وانعكاسها على المناهج وأساليب التقويم والإدارة ، وإعداد المقاييس المناسبة لها .



ثالثاً : توطين الإشراف التربوي بالمدارس : هو ما يستلزم العمل على :
1.      التخطيط لتعميم نظام الإشراف التربوي المقيم بالمدارس ، وتهيئة الظروف المواتية لذلك بشرياً ، ومادياً ، وتقنياً ، وإدارياً .
2.      التنسيق مع معاهد إعداد المعلمين ومراكز البحوث من خلال إقامة مشروعات لتطوير وتفعيل المدارس يلعب الموجهون المقيمون بالمدارس دوراً رئيسياً بها .
3.      إقامة شبكات للاتصال بين مجموعات المدارس في المشروعات المختلفة يتم من خلالها تبادل المعارف المهنية والخبرات التطبيقية في مجال النمو المهني للمعلمين وتحسين المدارس.

رابعاً : توطين المعلمين بالمدارس : وذلك من خلال :
1.      إعداد نظام جديد للتوظيف والأجور والترقي يضمن استقرار المعلمين في المدارس لفترات زمنية كافية لإحداث التفاعل الإيجابي بين نموهم المهني وبين تطور ا لمدارس وتفعليها .
2.      استحداث نظم جديدة للدراسات العليا والدبلومات المهنية المتمركزة حول المدرسة ، يمكن للمعلمين المقيدين بها أن يواصلوا الدراسة في موضوعات تتصل بممارساتهم داخل المدارس والفصول بإشراف الأكاديميين .
3.      ربط المدارس بشبكات الاتصال التربوية ، وتخصيص جانب من أوقات الدوام المدرسي للمعلمين للتعامل معها .

خامساً : تبني مفهوم التنمية المهنية المتواصلة للمعلمين داخل مدارسهم ويتحقق ذلك من خلال :
1.                إعادة صياغة مفهوم تربية وتدريب المعلمين أثناء الخدمة بحيث يتم الجانب الأكبر منها داخل المدارس .
2.                إعادة تنظيم الأعباء التدريسية للمعلمين ونظم تقويم الأداء بحيث تتضمن عنصراً أساسياً يتصل بمهارة إجراء بحوث الفعل حول الظواهر والمشكلات المدرسية .
3.      استحداث نظم جديدة لتربية القيادات التربوية من المعلمين المتخصصين في موضوعات تقويم الأداء المدرسي ، وتقييم نواتج التعلم ، وتحسين وتطوير المدارس ، وإدارة التغيير .
4.      استحداث الدوريات المهنية المتخصصة في نشر بحوث الفعل والتطوير التي يجريها المعلمون ونقدها بواسطة المعلمين والأكاديميين .

وأخيراً .. فقد آن للمعلم العربي والمدرسة العربية أن يتفاعلاً ، وأن يواصلا نموهما معاً بشكلٍ عضوي ، وفي إطار مستقل ومعتمد على ذاته ، وبمنهج علمي في التعامل مع مشكلات الأداء والممارسة ، وبإيمان عميق بمنطق التغير وحتمية المنافسة .. فهل تخرج المدرسة العربية والمعلم العربي من أزمتهما ؟




المصادر والحواشي


* علي سبيل المثال جاء تقرير "أمة في خطر" 1983 ، ثم تقرير بوش "أمريكا 2000" كرد فعل عنيف لتراجع موقع تلاميذ الولايات المتحدة أمام التلاميذ الآسيويين في اولمبياد التعليم الدولية.
(1)     Bullock, A., and Thomos, H., “School of the Center,” London and
New Yorkm Routledge, 1996, pp. 17-19.
*  في هذا الاتجاه تراجع آراء وكتابات كل من (إيفان إليتش) ، و (باولوفريري) وغيرهما من دعاة التحرر في العالم الثالث.
(2)     Roger slee, and Gaby Weiner (ed.), “introduction: school
effectiveness for whom?” in : “School Effectiveness for whom”, London, Falmer press, 1998, p.1.
(3)     Rose, M., “Possible Lives, the Promise of Public Education in
America,” New York, Penguin Books, 1995, P.2.
(4)     Ibid., pp-2-3.
(5)   لمزيد من التفاصيل حول المسابقات الدولية في الامتياز التعليمي Excellence in Ed. وما شابها من قصور راجع :
Margaret Brown, “the tyrany of International Horse Race”, in :
Roger Slee, and Gaby Weiner, (ed.) “School Effectiveness,” Op. Cit., pp-33-47 . 
(6)     Hopkins , D., et. al , “Improving the quality of Education for All”,
London, David Fulton Publishers, 1996, pp.1-5.
(7)     Glover , D., and law, S., “Managing Professionol Development in
Education “, London , Kogan Page, 1996, pp.IX, 3 .
(8)     Bob Lingard, Jim Ladwing, and Allan Luke , “School Effects in
Postmodern Conditions”, in : Roger Slee and Gaby Weiner (ed.),“School Effectiveness for Whom?”, Op. Cit., pp.96 -98.
(9)     Bert Creemers , : “The School effectiveness Knowledge Base”, in:
David Renyolds, et. al, : Making Good Schools ; London and New York, Routledge, 1996, p. 40.
(10)   Ibid., pp. 48 – 55.
(11)   Wilbur B. Brookover, et. al. : Creating Effective School : An
Inservice Program for Enhancing School Learning Climate and Achievement , Florida, learning Publications, 2nd ed. , 1997, pp. 7-8, 13-14.

(12)   Karen Carter, “School effectiveness and School improvement” in:
Rob  Halsall  (ed,),: Teacher Research and school improvement, Opening doors from the inside’ , Buchingham, Open Univ. press, 1998, pp. 4-5.
(13)   Bert Creemers, “the goals of school Effectiveness and school
improvement”, in: David Renyolds, et. al. : Making Good schools, Op. Cit., p. 23.
(14)   David Hppkins and Nij Lagerwij, “the school Improvement
Knowledge”, in David Reynolds, et. al., “Making Good schools , “ op. Cit., pp. 59-60.
(15)   Ibid., p. 60 .
(16)   Reynolds D., and Stoll L., “merging school effectiveness and
school improvement,” in: Reynolds D., et. Al., : “Making Good schools,” op. Cit, pp. 97-98.
(17)   Hopkins, D., et. al., “Improving the quality of.., op, cit., pp. 1-2 .
(18)   Ibid., p. 3 .
(19)   Rob halsall,  “school improvement , an overview of key findings
and messages’, in ; Rob Halsall, (ed.): “Teacher Research..,” op. Cit., pp. 51-52.
(20)   Hopkins, D., and Nijs Lagerweij, “The school Imp.,” op. Cit,
 pp. 71-73.
(21)   Ibid., pp. 73 – 74 .
(22)   Brighouse T., and Wood D., : “How to Improve Your school” ,
London, New York, Routledge, 1999, Appendix 1 , p. 162.
(23)   Reynolds D., and Stoll L., : “ Merging school effectiveness and
school Improvement”, in : Reynolds D. , “Making good schools,” op. Cit, pp. 94-96.
(24)   Ibid., pp. 100-101.
(25)   Ibid., pp. 105-107.
(26)   Ibid., p. 96.
(27)   Brighouse, T., and woods D., “How to Improve.”, op. Cit., pp. 110.
(28)   Glover, D., and  law, S., “Managing professional Develop..,” op.
Cit., pp. 1-2.
(29)   Joyce, B., “The Doors to School Improvement.” Educational
Leadership (48), 1991, p. 8.
(30)   Brighouse, T. , and Wood, D., “How to improve..,” op. Cit., p. 95 .
(31)   Glover D., and law. S., “managing professional..,” op. Cit., pp. 2,3. 
(32)   Hopkins, D., (et al), “Improving the quality of..,” op. Cit., pp. 6-7.
(33)   Carter k., and Halsall, “Teacher research for school Improvement.”
In: Halsal R. (ed.), “Techer research and school..,” op. Cit., pp. 84-90.
(34)   Hopkins, D., “A teacher’ s Guide to Classroom Research, 2nd. ed.,
Buckingham, Open University Press, 1993, pp. 54-55.
(35)   Glover, D., and law, S., “Managing Professional Development in
Education , “ op. Cit., p. 33 .
(36)   Ibid., pp. 34-38.
(37)   Ibid., pp. 43-44.
(38)   Harber C., and Davies L, “School management and Effectiveness
in Developing Countries, the post- Bureaucratic school”, London, Cassel,  1997, p. 128. 
*   تعد مؤسسة "المدرسة" بالمفهوم التقليدي منظمة بيروقراطية بمعنى الكلمة ، الأمــر الذي
يتناقض بالضرورة مع فكرة "المهنية " التي تسعى اتجاهات ما بعد الحداثة إلى ترسيخها في العمل المدرسي ، لذا فإن تجاوز المدرسة للطابع البيروقراطي يعد من أهم التحديات التي تتضمنها الأزمة الراهنة ، سواء في الغرب أو في العالم الثالث .
(39)   Ibid., pp. 129-140.
(40)   Ibid., pp. 151-153.
(41)   عدنان الامين : "مسائل التخطيط لتحسين نوعية التعليم الأساسي في الدول العربية " ،
في : عدنان الامين (محرر) : التخطيط لتحسين نوعية التعليم الأساسي في إطار التعليم للجميع في الدول العربية ، ورشة عمل شبه إقليمية ، سرس الليان مصر ، 6-10 فبراير 1993 ، ص ص 50-56.
*      كما في كتابات (بير بورديو) و (باسرون) حول دور المدرسة في اعادة انتاج الواقع الاجتماعي ، والتي استفاد منها (جينكس) وزملائه في كتابهم عن "اللاتكافؤ" عام 1972 ، ومن قبلهم (كولمان) عام 1966.
**     كما في دراسة (هينمان ولوكسلي) عام 1983 الممولة من البنك الدولي.
*      من هذه الدراسات والبحوث وورش العمل :
-                     نادر فرحاني (باحث رئيسي): "دراسة الالتحاق بالتعليم الابتدائي ونوعيته في
ثلاثة محافظات بمصر" ، مركز المشكاة بالتعاون مع اليونسيف ، والمركز القومي للبحوث التربوية ، والمركز القومي للتقويم التربوي والامتحانات القاهرة ، 1994.
-                     فيكتور بله : "حول مستوى أداء الأردن في الدراسة الدولية للعلوم والرياضيات
لعام 1991" ، المركز الوطني للبحث والتطوير ، سلسلة منشورات المركز (8) ، عمان ، 1992.

-                     عدنان الأمين (محرر): " التخطيط لتحسين نوعية التعليم الأساسي في إطار
التعليم للجميع في الدول العربية" .
**     في مصر تستخدم تقنية Conference Video على سبيل المثال في التدريب

المركزي من الوزارة إلى المحافظات. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق